أنخابُ كائنٍ في العزلة ومدونة الع
أنخابُ كائنٍ في العزلة ومدونة العشق
لنور الدين محقق
قراءة نقدية بقلم عبد النور إدريس
)تصدير:
أحرقت لوني ولغاتي
وابتدعت من عصيّ المجيء
أحجيتي"
الشاعرة وفاء العمراني(
الابداع الذي لا يترك أثرا لا يحقق تساؤلات حول الوجود، لايعيش حداثة ما من حيث كونه لا يعمق وشيجة المعاني بين النص والقارئ.
إن النص الابداعي يخفي آليات تفكيكه عن المتلقي ويبحث باستمرار عن قارئه خارج منظومة التمثلات الواضحة التي قد تحدث انزياحات في المعنى الذي ينتجه النص لذاته.
ولا شك أن الوحدة العضوية على المستوى الدرامي للعشق والتي تنتجها الملحمة العشقية للشاعر نور الدين محقق تتجلى في دواوينه الالكترونية الثلاث المنشورة بموقع اتحاد كتاب الأنترنت العرب:
http://www.arab-ewriters.com/?action=writers&&id=137&&content=lib
1- أوراق العشق
2- كتاب الحب
3- ترجمان الأشواق
إن الانغراس في الفضاء الشعري لنور الدين محقق يفرض على القارئ نوعا من الاندماج في البنية المفهومية للصورة الشعرية ووصلة الخيال وأيقوناته داخل النص ، فلا حياة للأيقون الأخرس بهذه المدونة العشقية.
هل يمكن اعتبار أن كل واحد من الدواوين الثلاثة يبني عالمه في عزلة عن الآخر؟
هل يكتفي كل ديوان بذاته ويعمل على تجميد الوحدات الدلالية التي تربطه بالديوان الآخر؟
هل تنفتح معاني المدونة على المعاني المُحتضنة من طرف اللغة التي تفكر وتحس إحساساتها الخاصة بالموازاة مع الشاعر؟
هل يمكن اعتبار نمط الانتاج الشعري عند نور الدين محقق يتأسس على وجود خطاطة أو خلفية مُفترضة ينتجها القارئ للمدونة العشقية؟
هي الأسئلة منفتحة والقراءة هاهنا عاشقة تشتهي الأثر الأدبي وتتجاوز في هذا العشق الفرضيات الخاصة بالقراءة وتدفع بالنقد نحو " مسيرات تأويلية تطمئن إليها الذات المتلقية" امبرطو إيكو.
يعيش "المذكر" على هامش انتشائه ب "أنت" المؤنثة .. على مشارف لغة حالمة بالواحد ضمن تعددية الآخر التي تقطن "الأنا" التي تعبر عن مركزيتها التواقة إلى تسريد المشهد الانساني شعريا.
الاهداءات أو فتح الممكنات:
يشكل الاهداء عند نور الدين محقق فتح الذات على الانسجام الداخلي للنص، حيث الإنصات إلى نفس الذات التي تحاول من أفق التخييل الخضوع لاحتمالات النص.
في ديوان ترجمان الأشواق يتم الاهداء على شكل تقديم يجمع كل الممكنات الدلالية في "مدح النساء" وينير بذلك الحقل الثقافي لكوامنه الشعرية وحصر السياقات في التصور العام لامرأة "مثال" تتداخل في انتاجها عناصر كثيرة تعلن عن وظيفتها في ذات الشاعر.
إن المتن الشعري عند نور الدين محقق يؤسس لجغرافيا عشق تستنفذه الجزئيات ويستبيحه التعميم وفق استراتيجية الشاعر العشقية حينما تستدرجه نكهة الاهداء لينسج منها أشرعة تتبدى في أثونها معالم العرض الثقافي للإهداء " لكل بنات حواء من لندن إلى صنعاء" أو عندما يقول " ولكل جميلات العالم من الدار البيضاء إلى هارلم".
أوراق العشق أو عندما يأتي الاسم جريحا :
إن أسماء النساء داخل هذا الديوان تتآلف بشكل عضوي وتسرج أحصنة النداء على الأنثى لتدل على اختلاف المصدر الثقافي بين الاسم العربي (آمال، حادة ، جميلة ، عائشة ، وحيدة ، ليلى، هالة ، فريدة ، كوثر ، قطر الندى، نوار، فيروز ، يسرا) والاسم الغربي (لوليتا ، سوزان، كريستي، فرانسواز، فيرجينيا، )، بالرغم من الجذع العشقي المشترك والذي يعمل على تحريك مجال البوح ويغذي الامتلاء الشعري عند الشاعر.
يقول في قصيدة آمال:
"هل أحببتك
اليوم...
عن طريق الوهم
و تموجات الخيالْ
أم أحببت فيك
فقط.....
ثورة الأنثى
و هي تتحدى
مثل أحلى القطط"
تتعمق هنا مع الشاعر انجراحية الوحدات الكامنة في لاشعور الاسم العربي الذي لا يخون استيعابه للجهاز الأديولوجي الذي تمخضت عنه الحياة الثقافية للنساء، ففي قصيدة "حادة" يتم اسف الشاعر على أفق التوقعات الحالمة التي تنخرط فيها الأنثى لإنتاج نفس الحقول المعرفية التي ساهمت في تحميل العشق اهتراءه الدائم في اتجاه نشوة مستعصية تخرج من دائرة جسد أنثوي معتق بالصور الجاهزة عن الأنوثة وخاصة عن امرأة تتجمل على حافة السرير.
يقول الشاعر (قصيدة حادة)
"حين تجلس
في بيتها
ترتدي أجمل لبس
و تفتح صندوق
الموسيقى
و على نغمات
أحواش
ترقص في ارتعاش
يذيب الجسد
و يشعل الرغبة
في المرآة
حيث لا أحد
يوجد في داخلها
فيا للأسف !"
يلف الأنثى تحت الاسم العربي فضاء متوتر كمحور يغطي بياضات المعنى في سجل النساء،
فحتى المرآة لا تعكس عشق هذه الأنثى لذاتها وكأن ذلك التحقق يستدعي الامتلاك المزدوج للأنت المؤنثة من طرف الذات المذكرة ، بعكس ما يطرحه التوازن الداخلي للإسم الغربي الذي يتحكم ثقافيا في انتاج محور توتر مغاير حيث الأنثى تحت الاسم الغربي متحكمة في المضامين التي تخرجها من المفعولية إلى " الفاعلية" ،يقول الشاعر في قصيدة "لوليتا" وهو يستوحي صورة الأنثى من امتدادها العميق في ثقافة غربية تبني وظيفة الأنثى ضمن البناء العام للديموقراطية كأفق محدّد لكل مسار تأويلي، يقول:
" و تقول الشعر
أيضا.
تمتطي الفرس
وتركب السيارة
و تمشي راجلة
أيضا.
تغمز بعينيها
و تقبل بفمها
و تضحك بأسنان
بيضاء
أيضا."
ثم يقول في قصيدة " سوزان"
"هي مثلي
من برج الميزان
تكتب الشعر
و ترسم في الليل
أعشاشا لعصافير
زاهية الألوان"